العنف ضد المرأة في صعيد مصر.. هل يفتح أبواب الثورة والثأر؟
تتعد أشكال العنف ضد المرأة في صعيد مصر بحسب
اختلاف البيئات، فبعض العنف يكون كليا والبعض الأخر يكون جزئيا، حيث تبدأ من حرمان
المرأة من الإرث باعتبار أنها متزوجة ولها رجل ينفق على ويقضي طلباتها ويحقق
رغباتها مما يشكل لدى الإخوة الرجال أنها ليست بحاجة لما تركه والديها، على الصعيد
الأخر تحرم المرأة من الإرث بسب ظلم إخوتها وطمعهم.
أشكال العنف
ضد المرأة في صعيد مصر
منذ العام
الماضي وقد أشار الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى العنف ضد المرأة في صعيد مصر المتمثل
في "الزواج المبكر" خلال كلمته باحتفال
التعداد السكاني، قائلًا: “فوجئت بأن عدد المتزوجات في سن 12 عامًا ليس بسيطًا،
متسائلا: كيف يمكن الزواج لبنت عندها 12 عامًا؟..
لقد فوجئت أن منهن أرامل ومطلقات.. إحنا قاسيين أوى على أولادنا".
ودوافع الزواج المبكر تتعدد أشكالها حيث من
ضمن هذه الدوافع، القبلية، وتفضيل
زواج الأقارب أو أبناء القبيلة الواحدة، والفقر الذي تعاني منه أكثر الأسر، فيدفعها
للخلاص مبكرًا من فتياتها، تتعدد الأسباب وتبقي الفتاة في النهاية هي الخاسر الوحيد،
وبحسب إحصائيات المركز القومي لحقوق المرأة فإن ما يصل إلى 36% من زيجات الريف تقع
في سن يقل عن الستة عشر عاما، مقارنة بالحضر الذي وصلت نسبة الإناث اللواتي تزوجن
دون السن القانوني قرابة 9,1%
يعد حرمن المرأة من إكمال تعليمها أحد أحقر
أشكال العنف ضد المرأة في صعيد مصر، تحت مبدأ أن دور المرأة يقتصر على تربية
الأبناء وخدمة الزوج، والمنطق الأكثر جهلا أن المرأة تكمل تعليهما من أجل العمل
لكن المرأة في الصعيد الغالبية العظمى لا يعملن و ينفق عليهن الأزواج إذن لا حاجة
لها للتعليم، بينما البعض الأخر يوافق أن تتعلم المرأة حتى الوصول إلى مرحلة
دراسية معينة تتمكن عندها من القراءة والكتابة وعندها يتم منعها من الذهاب للمدرسة
بحجة الخوف عليها.
وبحسب النتائج التي حصل عليها جهاز
التعبئة والإحصاء خلال 2017م، فإن أكثر من ربع السكان المصريين ممن هم فوق سن العشر
سنوات لا يقرؤون أو يكتبون، وعددهم 18.4 مليون أمي في مصر، بالرغم من فاجعة الرقم،
فإن هناك ما هو أكبر من ذلك إذا علمنا أن هناك 9 محافظات في مصر" محافظات
صعيد مصر" يزيد عدد سكانها الأميين عن "المليون"، بل وإحدى هذه المحافظات
تصل فيها نسبة الأمية إلى 37% وهى محافظة المنيا أي أن أكثر من ثلث سكانها أميين.
يقع الزواج المبكر ضمن أشكال العنف ضد المرأة
في صعيد مصر، مما يعرضها لتحمل المسئولية في وقت صغير وفي الغالب يترتب على هذه
الشاكلة جوانب سلبية أخرى، من ضمنها بروز ظاهرة الطلاق، وقد حققت محافظه أسيوط علي أعلى نسبة في معدلات الطلاق بالصعيد، وفقا
لدراسة أعدتها رابطه المرأة العربية، بالاشتراك مع مشروع سلامه وأمان بعنوان "اثر
الطلاق علي المرأة"، التي تنفذه هيئه "كير مصر" في محافظات المنيا وأسيوط
وسوهاج، وجاءت أسيوط في مقدمه محافظات الصعيد بإجمالي ثلاثة آلاف و212 حاله طلاق
عام 2010.
يمارس العنف
ضد المرأة في صعيد مصر تحت بند الأعراف، سياسة القهر داخل القرى يحكمها العادات
والتقاليد، أن لا تعبر المرأة عن رأيها في مختلف القضايا الحوارية يعد تعسفا في
قانون العرف الصعيدي، حتى وإن كان رأيها صائبا فهو من منظور الرجل رأي خاطئ لا
يمكن الأخذ به أو حتى الاعتراف به، فهي لا تملك التحكم في مصيرها، حتى في اختيار
زوجها الذي تقضي معه بقية عمرها ليس من المسموح لها أن ترفض أو تقبل هي تنفذ الأمر
فقط.
صدقت مصر على
الكثير من المعاهدات التي تنص على عدم المساس بحقوق المرأة وعدم التعدي عليها أو
ممارسة أيا من أشكال العنف ضدها كان أخرهم معاهدة 1981م، وهو ما يؤكد أن مصر ملزمة
بمكافحة العنف ضد المرأة والمناداة بحقوقها كما تكافح وتواجه الإرهاب، ولم نجزم إن
قلنا أن العنف ضد المرأة في صعيد مصر لهو أشد خطرا من الإرهاب الذي ينتهي بالموت،
لكن العنف يولد إرهابا أخر، فالفتاة التي نشأت في بيئة تدوس على كل أحلامها
وتكبلها وترفضها وتفضل الولد عليها كيف مستقبلا تنشئ أسرة وتربي أطفال تخدم
المجتمع.
وقد انتشرت
العديد من المبادرات المجتمعية التي تكافح العنف ضد المرأة في صعيد مصر، كان أخرها
مبادرة "تقدري" التي انطلقت من قلب أسيوط على يد امرأة تدعى "انجي
رأفت" والتي استهدفت تمكين المرأة في الصعيد من المطالبة بحقها والدفاع عن
حقوقها الضائعة، وفي الواقع فكلنا مشاركين في العنف الذي تتعرض له المرأة في
الصعيد، لتهميش دورها العلمي والعملي وتهميش محافظات الصعيد على وجه الخصوص.