فيديو .. عمرو خالد: حياتنا مليئة بالأوجاع والتحديات.. هذه طريقة الوصول لأحسن العيش
الإثنين 10/مارس/2025 - 07:01 م

عمرو خالد
أحمد حمدي
طباعة
سلط الدكتور عمرو خالد، الداعية الإسلامي، الضوء على حياة الأنصار في مرحلة ما قبل الهجرة وما بعد لإبراز الفارق والأثر الإيجابي الذي أحدثه الإسلام في نفوسهم، بعد أن ظلوا لقرون متناحرين يتقاتلون فيما بينهم.
وقال خالد في الحلقة العاشرة من برنامجه الرمضاني "نبي الإحسان"، إنه لابد أن يكون للإنسان دور ورسالة في الحياة لإعمار الأرض، وإصلاحها، لأن هذا يرتبط بإرضاء الله ودخول الجنة، وبدون ذلك يحصل ما أسماه "فراغ وجودي".
وأوضح أن كل فرد من السبعة مليارات الذي يشكلون عدد سكان الأرض خُلق لغاية في الوجود، وليس مجرد تكملة عدد، لأن معنى وجود كل إنسان متفرد وغير متكرر، "أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ".
ونصح خالد، قائلاً: "واجه وجعك في الحياة برسالة لها قيمة، بخاصة عند الصدمات.. ارتفع فوق الصدمات برسالة ودور في الحياة يجعل لحياتك معنى"، مشيرًا إلى أنه صار هناك مدرسة العلاج النفسي عند الصدمات اسمها "مدرسة العلاج بالمعنى".
وشدد على أنه في بعض الأحيان تكون صدمات الحياة هي نفسها مفتاح وصولك لرسالتك في الحياة، "من رحم المعاناة يولد هدف وجودك"، داعيًا إلى التفكير في سبب وحكمة الله من معاناتك، فقد تتوقف المعاناة في اللحظة التي تكتشف فيها الحكمة من المعاناة.
5 خطوات لمعرفة دورك ورسالتك فى الحياة:
ولمعرفة دور ورسالة أي شخص في الحياة، ينصح خالد بخمس خطوات، على النحو التالي:
1-نية وعهد مع الله، بأنني أريد أن أعمل لديك، أصلح في أرضك إرضاءً لك، وعندما أقابله يوم القيامة أكون قد أديت دوري.. عينك على الجنة.
2-هي خلطة من مهاراتك وقدراتك وعلمك واحتياجات الناس حولك ومعاناتك في الحياة.
الخلطة: تحتاج إلى صبر ووقت للوصول.. احتكاك وبحث عن دور.. لا تستعجل، فأنت تحتاج إلى وقت.
3-تبدأ بتحويل شغلك لعبادة لله.. تصميم ملابس محتشمة وأنيقة للنساء، كاتب سيناريو يقوم بغرس القيم الروحية والأخلاقية، لاعب كرة يستغل شهرته لتحبيب الناس في الخير والإيمان، طبيب لديه نية صادقة لتسكين الآلام، فالنية تحول العادة إلى عبادة.
4-عمل خيري بجانب عملي.. مهندس وإطعام طعام.. مشروع الإحسان.. تعليم أيتام، أو فكرة إبداعية جديدة، بنية عز الإسلام، "من سنّ سُنّة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها ليوم القيامة".
5-عبادة مستمرة لتثبيت نيتك أن هذا لله ودخول الجنة.
وأسقط خالد، كلامه على الأنصار، مستعرضًا حياتهم قبل أن يكون لحياتهم رسالة ومعنى وبعد أن صار لحياتهم رسالة، وما الذي وحصل لهم نتيجة ذلك؟.
وأبرز خالد، سبعة مشاهد للأنصار، على النحو التالي:
المشهد الأول: الأنصار والمدينة قبل الإسلام.. حياة بلا معنى
فقد كانت الأوس والخزرج تسكنان المدينة ومعهما ثلاث قبائل يهودية، ودارت حرب بين القبيلتين قبل الإسلام استمرت 50 عامًا (12 معركة)، وكانت آخر معركة يوم بعاث (مكان على أطراف المدينة) قبل الهجرة بخمس سنوات فقط.
ومول اليهود، الطرفين بالسلاح لتستمر الحرب التي اشتعلت بسبب شجار على حصان!، وقتل خلالها مئات من سادة الأوس والخزرج، ومات فيها جميع القيادات، مما أدى إلى إهمال الزراعة، والمعاناة من فقر شديد، ونتج عن ذلك جيل ضائع من الشباب، فقدان كلي للمعنى، ووصول للقاع، بينما اليهود يفتخرون على أهل المدينة: "أنتم وثنيون وقد ظهر نبي آخر الزمان وسنتبعه، لأنه منا ونقاتلكم معه". لكنه من قلب المعاناه ولدت الرسالة.
المشهد الثاني: لقاء النبي الأول بالأنصار.. محاولة إدراك الرسالة من الحياة
في السنة الحادية عشرة من البعثة التقى النبي صلى الله عليه وسلم، ستة شباب من الخزرج، من بينهم أسعد بن زرارة، وكلهم في عمر 18 سنة، جاؤوا الحج حزنا على الأموات من أهلهم يوم بعاث (لأنه مات من الخزرج أكثر من الأوس).
طلب النبي صلى الله عليه وسلم، الحديث إليهم وكان أصغرهم سعد بن زرارة، لكنه أول من فهم أن الخروج من دائرة المعاناة المميتة يمكن أن يحصل بوجود رسالة في الحياة، بل فهم إن المعاناة نفسها هي التي يمكن أن تخرج منها الرسالة. من رحم المعاناة تكتشف رسالتك في الحياة، لأن ربنا يضعك أحياناً في المعاناة ليدفعك دفعًا إلى الرسالة.
عددهم 12 رجلاً (8 من الأوس و4 من الخزرج)، تحدث إليهم النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام، وطلب منهم العودة في العام التالي.
المشهد الثالث: بيعة العقبة الكبرى للنبي مع الأنصار.. وتحديد ووضوح المعنى من الوجود
حضر 73 رجلاً وامرأتان في العام التالي ضمن وفد يثرب إلى الحج، في سرية وذكاء شديدين، وتمت بيعة العقبة، وقدم العباس عم الرسول صلى الله عليه وسلم معه، وكان يومئذ على دين قومه، فقال: يا معشر الخزرج إن محمدًا منا حيث قد علمتم، وقد منعناه من قومنا ممن هو على مثل رأينا فيه، فهو في عِز من قومه ومنعة في بلده، وإنه قد أبَى إلا الانحياز إليكم واللحوق بكم، فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه، ومانعوه ممن خالفه، فأنتم وما تحملتم من ذلك، وإن كنتم ترون أنكم مُسْلِمُوه وخاذلوه بعد الخروج به إليكم فمِن الآن فدعوه، فإنه في عز ومنعة من قومه وبلده.
قالوا: قد سمعنا ما قلت، فتكلم يا رسول الله، فخذ لنفسك ولربك ما أحببت، قال: فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتلا القرآن، ودعا إلى الله ورغب في الإسلام، ثم قال: أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم.
فقالوا: فمالنا إذا فعلنا ذلك؟، قال: الجنة، فقالوا: ربح البيع.. لا نقيل ولا نستقيل.
ومد البراء بن معرور وكان أكبرهم سنًا ( 70 عامًا)، وقال: نعم والذي بعثك بالحق لنمنعك مما نمنع أزوجنا منه فبايعنا يارسول الله فنحن أيناء الحرب وأهل الحلف ورثناها كابر عن كابر.
صارت للأنصار رسالة عظيمة بعد سنوات من البحث، والرسالة هي: نصرة النبي والإسلام والتضحية بكل ما يملكون مقابل الجنة.
المشهد الرابع: الأنصار والرسالة أغلى من المال من أجل الجنة
النبي صلى الله عليه وسلم قال بعد الهجرة للأنصار: إن إخوانكم قد تركوا الأموال والأولاد وخرجوا إليكم"، فقالوا: أموالنا بيننا قطائع. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أو غير ذلك؟". قالوا: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: "هم قوم لا يعرفون العمل فتكفونهم وتقاسمونهم الثمر". قالوا: نعم.
فكان أحدهم يأتي بتمره قبل أن يأخذه إلى أهله، ويبدأ بالمهاجرين فيجعلهم يختارون أولاً، حتى فتحت خيبر وكثر الخير، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار: "لقد وفيتم بالذي عليكم"، قالوا إنه قد كان لك علينا شروط ولنا عليك شروط بأن لنا الجنة.. فقد فعلنا ما سألتنا بأن لنا شرطنا.. قال: "فذا لكم".
المشهد الخامس: الأنصار في بدر.. تثبيت اختيارك لمعنى وجودك
الأنصار حملوا قضية ومشروع أمة، عندما استشارهم النبي صلى الله عليه وسلم في الخروج لقتال قريش في غزوة بدر، رد سعد بن معاذ: يا رسول الله لقد آمنا بك وصدقناك وأعطيناك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة، فوالله لو خضت بنا هذا البحر لخضناه معك، فخذ من أمولنا ما شئت واترك لنا ما شئت، ويكون الذي أخذت أحب مما تركت، وسالم من شئت وعادي من شئت، وصل حبل من شئت، واقطع حبل من شئت، فإنا والله صبر في الحرب صدق عند اللقاء، ولعل الله يريك منا ما تقر به عينك فسر بنا على بركة الله.
المشهد السادس: الأنصار في غزوة أحد.. التضحية من أجل معنى وجودك في الحياة
في غزوة أحد، بلغ عدد شهداء المسلمين 70 شهيدًا، وكان أغلبهم من الأنصار (64)، و6 فقط مهاجرين (من بينهم حمزة ومصعب). الأنصار يعرفون دورهم: النصرة، وقد ضحوا من أجل المعنى فكانوا أكثر حماسة في المعركة، لأن المعنى واضح. ولابد أن يضعك الله في مفارق طرق لتؤكد معنى وجودك.
المشهد السابع: الأنصار والاختبار الأخير قبل فراق النبي
في غزوة حنين، وزع رسول الله صلى الله عليه وسلم، أغلب الغنائم على المهاجرين دون أن يترك للأنصار شيئًا، والأنصار يرقبونه مستغربين ويقولون: “أعطى الناس كلهم ولم يترك لنا شيئًا رغم أننا أعطيناهم من أموالنا حين أتونا إلى المدينة”، فبدؤوا يتداولون بينهم الحديث عن أن رسول الله قد عاد وحن إلى عشيرته وأهله.
ذهب سعد بن عبادة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فخاطبه قائلاً: "إن هذا الفريق (يعني الأنصار) يقولون إنك وجدت أهلك"، فرد عليه النبي: "فماذا تقول أنت يا سعد؟، قال: "أقول مثل ما قال قومي"، فقال رسول الله: "يا سعد اجمع الأنصار في هذا المكان ولا يدخل أحد إلا أبو بكر"، ففعل، وخطبهم النبي، فقال: "يا معشر الأنصار بلغني عنكم أنكم قلتم وجد رسول الله أهله"، فقالوا: "نعم قلنا ذلك".
فقال النبي: "يا معشر الأنصار ألم آتيكم ضلالاً فهداكم الله؟ ألم آتيكم أعداء فألف الله بين قلوبكم؟ ألم آتيكم فقراء فأغناكم الله؟"، فقالوا: "المن لله والرسول"، فقال رسول الله: يا معشر الأنصار لو شئتم لرددتم علي، قالوا: "ما نقول يا رسول الله؟، قال: تقولون وأنت أيضًا جئتنًا فقيرًا فأغناك الله وجئتنا مطرودًا فآويناك وجئتنا مكذبًا فصدقناك وجئتنا محاربًا فواسيناك" .
فأخفضوا رؤوسهم، وقالوا: المن لله وللرسول، فقال النبي: "يا معشر الأنصار أوجدتم في قلوبكم في لعاعة من الدنيا، ألفت بها قلوب قوم أسلموا حديثًا وتركتكم إلى إيمانكم، أفلا ترضون يا معشر الأنصار أن يرجع الناس إلى بلادهم بالشاة والبعير والإبل وترجعون أنتم إلى بلدكم برسول الله؟، والله لو سلكت الناس طريقًا وسلك الأنصار طريقًا لسلكت طريق الأنصار، اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار، فبكوا حتى تخضبت لحاهم بالدموع"، وقالوا: رضينا برسول الله قسمًا ونصيبًا.
شاهد الحلقة:
https://www.youtube.com/watch?v=A7PIp2iaw4A