سكان شمال نيجيريا يواجهون الصدمات والخوف من «بوكو حرام»
الإثنين 26/سبتمبر/2016 - 03:22 م
يشهد شمال شرق نيجيريا تزايدا مطردا في السنوات الاخيرة في حالات الاضطرابات النفسية منذ بدء الحرب والفوضى التي تعيثها حركة بوكو حرام الجهادية، من صدمات نفسية وحالات اكتئاب وإدمان وصولا الى الهلع والرهاب.
وقد استقبلت وحدة الطب النفسي في مايدوغوري، عاصمة ولاية بورنو، 58 الف مريض "يعانون من اضطرابات ناجمة عن النزاع"، كما قال لوكالة فرانس برس الدكتور ابراهيم آدم مشيليا.
وهذا الجندي الجالس على سرير موضوع في وسط الغرفة الكبيرة بالمستشفى، هو واحد منهم. ويحمل كتاب صلاة صغيرا، ويكرر في الفراغ اسمه ورتبته ورقمه المتسلسل في الجيش النيجيري.
ثم يقف فجأة ويروي قصته، مركزا عينيه على المروحة في الجانب الاخر من الغرفة، في نظرة مستقيمة وفارغة تميز اولئك الذين رأوا كثيرا من المشاهد في حياتهم.
ويقول هذا الجندي انه وقع في مكمن لبوكو حرام، وان عددا كبيرا من زملائه قد قتلوا في ذلك اليوم. وقد اصابته رصاصة في ساقه، ومنذ ذلك الحين، لم يرجع الى المعركة ابدا.
واستبدل اولا ادرينالين الحرب بالجعة والقنب، قبل ان يجد بعض السكينة في الادوية المهدئة التي يقدمها المستشفى.
ويقول الممرضون انه كان عنيفا جدا لدى دخوله المستشفى، لكنه تمكن من تهدئة انفعالاته خلال اسبوع.
واوضح الجندي "خلال الحرب، عندما نخوض الحرب، من الرائع جدا لرجل ان يثبت رجولته ويقاتل العدو".
وتتدافع افكاره، ويتهدج صوته، ويعتذر ويقول "هذا ما نشعر به عندما نكون في قلب معركة، وما يمكن ان نتخيل اننا نواجهه في حياتنا".
-المركز الوحيد للطب النفسي-
واسفر النزاع الذي تسببت به بوكو حرام عن 20 الف قتيل على الاقل منذ بداية التمرد الاسلامي في 2009. لكن الاطباء في هذا المستشفى للطب النفسي يؤكدون انهم استقبلوا ثلاثة اضعاف هذا العدد للاستشارات الطبية. وهذا ايضا ليس سوى جزء بسيط من المشكلة. فمستشفى مايدوغوري هو المركز الوحيد للطب النفسي في كل انحاء شمال شرق نيجيريا، الذي يفوق مساحة بريطانيا.
وقد اضطر حوالى 2،6 مليون شخص الى الهرب من منازلهم. ورأى كثيرون منهم اعزاء لهم يتعرضون للقتل او الذبح، ومساكنهم تلتهمها النيران. وتعرضت الاف النساء والفتيات للخطف، ويعيش عشرات الالاف مع الخوف من ان يتعرضوا للخطف في احد الأيام. وكثيرون من الاطفال اصبحوا ايتاما، ولا يعرف آخرون اين هم ذووهم.
ويقول الممرض فرنسيس زمادي المتخصص في معالجة المدمنين، ان التعلق بالمخدرات، والعواقب الاخرى للاضطرابات العقلية، باتت تصيب كل طبقات المجتمع، من الموظفين والجنود والمزارعين والعاطلين عن العمل.
والمرضى الذين يأتون للاستشارات الخارجية، ينتظرون ادوارهم على المقاعد، وتملأ الممرضات اللواتي يرتدين حجابا طويلا ابيض، الملفات.
وفي هذا الوقت، ينام المرضى الذين يتلقون العلاج في المستشفى او يبقون جالسين بصمت في أسرتهم، او يلعبون البليارد او كرة الطاولة في قاعة الالعاب. المركز يوحي بالهدوء.
لكن المرضى يحتاجون لدى خروجهم الى علاج والى دعم فترة طويلة ايضا، كما يقول الدكتور مشيليا.
واضاف هذا الطبيب النفسي "حتى لو انتهت الحرب، ستستمر عواقبها طوال 30 الى 50 عاما".
وقد لجأ حوالى 1،5 مليون شخص الى مدينة مايدوغوري الكبيرة. لكن الاطباء يتخوفون من ان يتعرض الذين تمكنوا حتى الان من مواجهة الصدمات الناجمة عن المنفى واعمال العنف، الى الانتكاس لدى عودتهم الى منازلهم اخيرا.
من جهة اخرى، انتشر استهلاك المخدرات التي غالبا ما تستخدم لتهدئة المخاوف والالم، في ولاية بورنو. وتسهل الاتجار بها، حدود يسهل اختراقها ونظام قضائي متداع.
وبات الكوكايين والهيرويين والميثامفيتامين رائجا في المنطقة، بالاضافة الى اصناف لم يرها الدكتور مشيليا من قبل.
وفي خارج مستشفى الطب النفسي، تقدم منظمات غير حكومية دعما نفسانيا وخصوصا في المخيمات الكثيرة للمهجرين في المدينة. وتستطيع النساء، ضحايا الاعتداءات الجنسية، والزيجات القسرية او امهات الاطفال غير المرغوب فيهم، ان يثقوا بهذه المنظمات. لكن الجميع يؤكدون ان ثمة حاجة الى المزيد من العناية.
وينصرف الجندي الى القراءة في كتابه ليجد السلام وطريقه بين الخير والشر. وقال بصوت عال "فليبارك الله قواتي التي علمتني فن الحرب وتعلمت ضربي".
لكن الحرب الحقيقية، لم يتمكن من خوضها ويأمل في الا تكون موجودة.
وخلص الى القول "كل ما اريده هو ان اعيش مع عائلتي بأمان وسلام".
وقد استقبلت وحدة الطب النفسي في مايدوغوري، عاصمة ولاية بورنو، 58 الف مريض "يعانون من اضطرابات ناجمة عن النزاع"، كما قال لوكالة فرانس برس الدكتور ابراهيم آدم مشيليا.
وهذا الجندي الجالس على سرير موضوع في وسط الغرفة الكبيرة بالمستشفى، هو واحد منهم. ويحمل كتاب صلاة صغيرا، ويكرر في الفراغ اسمه ورتبته ورقمه المتسلسل في الجيش النيجيري.
ثم يقف فجأة ويروي قصته، مركزا عينيه على المروحة في الجانب الاخر من الغرفة، في نظرة مستقيمة وفارغة تميز اولئك الذين رأوا كثيرا من المشاهد في حياتهم.
ويقول هذا الجندي انه وقع في مكمن لبوكو حرام، وان عددا كبيرا من زملائه قد قتلوا في ذلك اليوم. وقد اصابته رصاصة في ساقه، ومنذ ذلك الحين، لم يرجع الى المعركة ابدا.
واستبدل اولا ادرينالين الحرب بالجعة والقنب، قبل ان يجد بعض السكينة في الادوية المهدئة التي يقدمها المستشفى.
ويقول الممرضون انه كان عنيفا جدا لدى دخوله المستشفى، لكنه تمكن من تهدئة انفعالاته خلال اسبوع.
واوضح الجندي "خلال الحرب، عندما نخوض الحرب، من الرائع جدا لرجل ان يثبت رجولته ويقاتل العدو".
وتتدافع افكاره، ويتهدج صوته، ويعتذر ويقول "هذا ما نشعر به عندما نكون في قلب معركة، وما يمكن ان نتخيل اننا نواجهه في حياتنا".
-المركز الوحيد للطب النفسي-
واسفر النزاع الذي تسببت به بوكو حرام عن 20 الف قتيل على الاقل منذ بداية التمرد الاسلامي في 2009. لكن الاطباء في هذا المستشفى للطب النفسي يؤكدون انهم استقبلوا ثلاثة اضعاف هذا العدد للاستشارات الطبية. وهذا ايضا ليس سوى جزء بسيط من المشكلة. فمستشفى مايدوغوري هو المركز الوحيد للطب النفسي في كل انحاء شمال شرق نيجيريا، الذي يفوق مساحة بريطانيا.
وقد اضطر حوالى 2،6 مليون شخص الى الهرب من منازلهم. ورأى كثيرون منهم اعزاء لهم يتعرضون للقتل او الذبح، ومساكنهم تلتهمها النيران. وتعرضت الاف النساء والفتيات للخطف، ويعيش عشرات الالاف مع الخوف من ان يتعرضوا للخطف في احد الأيام. وكثيرون من الاطفال اصبحوا ايتاما، ولا يعرف آخرون اين هم ذووهم.
ويقول الممرض فرنسيس زمادي المتخصص في معالجة المدمنين، ان التعلق بالمخدرات، والعواقب الاخرى للاضطرابات العقلية، باتت تصيب كل طبقات المجتمع، من الموظفين والجنود والمزارعين والعاطلين عن العمل.
والمرضى الذين يأتون للاستشارات الخارجية، ينتظرون ادوارهم على المقاعد، وتملأ الممرضات اللواتي يرتدين حجابا طويلا ابيض، الملفات.
وفي هذا الوقت، ينام المرضى الذين يتلقون العلاج في المستشفى او يبقون جالسين بصمت في أسرتهم، او يلعبون البليارد او كرة الطاولة في قاعة الالعاب. المركز يوحي بالهدوء.
لكن المرضى يحتاجون لدى خروجهم الى علاج والى دعم فترة طويلة ايضا، كما يقول الدكتور مشيليا.
واضاف هذا الطبيب النفسي "حتى لو انتهت الحرب، ستستمر عواقبها طوال 30 الى 50 عاما".
وقد لجأ حوالى 1،5 مليون شخص الى مدينة مايدوغوري الكبيرة. لكن الاطباء يتخوفون من ان يتعرض الذين تمكنوا حتى الان من مواجهة الصدمات الناجمة عن المنفى واعمال العنف، الى الانتكاس لدى عودتهم الى منازلهم اخيرا.
من جهة اخرى، انتشر استهلاك المخدرات التي غالبا ما تستخدم لتهدئة المخاوف والالم، في ولاية بورنو. وتسهل الاتجار بها، حدود يسهل اختراقها ونظام قضائي متداع.
وبات الكوكايين والهيرويين والميثامفيتامين رائجا في المنطقة، بالاضافة الى اصناف لم يرها الدكتور مشيليا من قبل.
وفي خارج مستشفى الطب النفسي، تقدم منظمات غير حكومية دعما نفسانيا وخصوصا في المخيمات الكثيرة للمهجرين في المدينة. وتستطيع النساء، ضحايا الاعتداءات الجنسية، والزيجات القسرية او امهات الاطفال غير المرغوب فيهم، ان يثقوا بهذه المنظمات. لكن الجميع يؤكدون ان ثمة حاجة الى المزيد من العناية.
وينصرف الجندي الى القراءة في كتابه ليجد السلام وطريقه بين الخير والشر. وقال بصوت عال "فليبارك الله قواتي التي علمتني فن الحرب وتعلمت ضربي".
لكن الحرب الحقيقية، لم يتمكن من خوضها ويأمل في الا تكون موجودة.
وخلص الى القول "كل ما اريده هو ان اعيش مع عائلتي بأمان وسلام".