بالصور.. الاسم عزبة "العبيد" لكن في الواقع "أحرار"
الأحد 13/نوفمبر/2016 - 08:24 م
فاطمة أبو الوفا
طباعة
منحتهم الحياة لقب عبيد لكنهم خير أحرار، استطاعوا بصبرهم التغلب على الصعاب وصاروا يتحملون مسؤوليات تفوق قدرتهم حالمين بالخروج من عباءة الفقر والعيش في سلام مع أنفسهم، دون أن ينظر إليهم أحد بعين الشفقة والاحتياج.
يغلب على سكان "عزبة العبيد" الطابع الأنثوي وهذا جعلهم يقتدون بقوة الرجل وصبر المرأة في آن واحد بعد أن أجبرتهم الظروف على العيش بمفردهم دون عائل أو سند، على أحد "المصاطب" يجلس مجموعة من النساء يلتقطن الأحاديث الجانبية معًا بينما انشغل الصغار في اللعب حولهم، وأخريات ذهبوا لملئ زجاجات المياه من محطات التحليّة التي خصصتها محافظة الجيزة إليهم.
ربما كانت "وفاء إبراهيم"، الأشهر بين سكان العزبة، بصبرها على البلاء الذي تكبدته منذ طفولتها، تنام في "حوش" منزلها فوق أرضية افتُرشت بعدة بطاطين، لعلها ترسل الدفء إلى جسدها، يتردد عليها الجيران بين الحين والآخر للاطمئنان على صحتها بعد أن فارقتها والدتها منذ 8 أشهر: "كان عندي 6 سنين ووقعت على الأرض جالي شلل في كل جسمي رغم أن الخبطة كانت بسيطة روحت لدكاترة كتير ومحدش قادر يفهم عندي إيه، والشلل ماسكني لحد أطراف صوابعي، وممنوع أنام على السرير علشان بقضي حاجتي في مكاني".
39 عام مضت ولا زالت الفتاة الأربعينية طريحة الفراش لا تملك شيئًا سوى أن تسأل ربها الشفاء، متمنية أن تصير زوجة تملك بيتًا وأسرة، تقول:"الطب نفسه بكي علشاني، والحالة بتاعتى في أيد ربنا، جالى ميه تحت الجلد من القاعدة، وعندي قرحة في المعدة والقولون العصبي، خدت جلسات كهربا وعلاج طبيعي وحقن وكل ما باخد العلاج بتعب أكتر وأتدمر، صوابع رجلي اتنت ومبقتش عارفة امشي، شوفت معاناة وقولت يا رب الموت أرحم ليا، بطلع من عند الدكتور حلوة بعدين التعب يمسكنى تاني".
وتضيف: "كان واقف 17 دكتور و10 تحت التدريب، فحص ومش قادرين يعرفوا عندي إيه، نفسي أحس إني حرة، لسه عندي أمل أعيش وأكون بيت وأسرة، أنا صابرة على البلاء الكبير ده وعارفة أن ربنا هيكرمني وهيعوضني، وأخويا ربنا يخليه هو اللي شايلني وواقف جنبي بس على قد حاله، ومصاريف العلاج بدفعها من معاش أمي".
في غرفة صغيرة بالطابق الأرضي تجلس الحاجة "هانم جاد" على كرسيها الخشبي تفكر، لا تنتبه لما حولها، وكأنها ذهبت لعالم آخر صنعته في مخيلتها، تتناثر حولها كراتين البسكويت والشيبسي التي لا تتغير: "أنا مطلقة من 5 سنة، كنت ساكنة في بيت في العزبة بس لما كان هيقع جيت الأوضة دي وبدفع إيجارها 200 جنيه، كنت ببيع عيش ولما كبرت في السن مقدرتش اشيل القفص وقولت أسترزق من الكام كرتونة دول، بس محدش بيشتري غير قليل لأنهم بيجروا على البقالين اللي عندهم محلات".
تؤكد المرأة السبعينية أنها لا تعلم شيء عن طليقها سوى أنه تزوج وأنجب وتركها بمفردها، وابنها الوحيد لا يسأل عنها بعد أن اجتهدت وساعدته ليتزوج:" كنت لما اخلف عيل لازم يموت لحد ما خلفت ابني الوحيد سميته شعبان علشان يعيش، وأتجوز وخلف وعايش بعيد عنى معرفش حاجة عنه ومليش غير ربنا، عندي القلب بقالى سنتين بجيب العلاج من معهد القلب لما مش بيكون معايا فلوس، غير كده بروح الصيدلية علشان المعهد بعيد عنى، وباخد 320 جنيه من الشئون"، يعيش سكان تلك المنطقة على قلب رجل واحد يقفون يدا واحدًا بجوار بعضهم وكأنهم أسرة واحدة: "كلنا أتولدنا في العزبة وعمرنا كله فيها، محدش فينا غريب وكلنا واحد وبنساعد بعض".
بدا الأمر أكثر مأسوية لدى "حورية مصطفى" التي توفي زوجها وشقيقها وتركا لها 7 أطفال تحملت مسئوليتهم على عاتقها، لم تجد من يساعدها ويقف بجوارها سوى نساء المنطقة: "أخويا توفى من 4 سنين جاتله ساكتة قلبية وساب ليا عياله ومات، ومراته راحت أتجوزت وسابت العيال ومشيت وجوزي متوفي من 16 سنة، والعيال كلهم في التعليم وبصرف عليهم وأهل المنطقة واقفين جنبي".
وتضيف المرأة الأربعينية: "عملت ليهم معاش أبوهم قالولي في الشئون لازم أمهم اللي تروح تقبضه، عمتهم التانية بتخلص الورق وبيطلع ليهم 210 جنيه، بياخدو دروس كلهم والله ولولا ولاد الحلال وإني بعرف أدبر أموري مكناش عيشنا أصلا، روحت أتحايل على المدرس علشان بياخدو المادة بـ200 جنيه، ساب ليا 10 جنيه بالعافية وكلهم واحد عندي ونفسي أشوفهم حاجة كبيرة".
لم تترك "أمل حياتي" بابًا للعمل دون أن تطرقه، لتتمكن من توفير احتياجات أسرتها بعد أن توفي زوجها إثر لإصابته بالسرطان: "أنا معايا إعدادية وبدور على شغلي في أي مكان بعرف اقرأ واكتب أي شغل أنا راضية بيه في مستوصف كلمته وروحت قدمت فيه علشان لو هقطع تذاكر حتى اعمل أي حاجة، ومحدش لسه رد عليا".
وتضيف:" جوزي متوفى من سنتين ومعايا محمد3 ابتدائي وإبراهيم3 إعدادي وآية 22 سنة وقاعدة في بيت أبويا، وجوزي لما تعب بعت العفش كله وأستلفت من أهلي، باخد 270 جنيه من الشئون، وجوزى كان راجل ارزاقى علي الله، ملهوش أي حاجة ناكل من وراها عيش، بعافر علشان عيالى ميحتاجوش لحد، وأهلي هما اللي واقفين جنبي لكن أهل أبوهم معرفش حاجة عنهم".
يغلب على سكان "عزبة العبيد" الطابع الأنثوي وهذا جعلهم يقتدون بقوة الرجل وصبر المرأة في آن واحد بعد أن أجبرتهم الظروف على العيش بمفردهم دون عائل أو سند، على أحد "المصاطب" يجلس مجموعة من النساء يلتقطن الأحاديث الجانبية معًا بينما انشغل الصغار في اللعب حولهم، وأخريات ذهبوا لملئ زجاجات المياه من محطات التحليّة التي خصصتها محافظة الجيزة إليهم.
ربما كانت "وفاء إبراهيم"، الأشهر بين سكان العزبة، بصبرها على البلاء الذي تكبدته منذ طفولتها، تنام في "حوش" منزلها فوق أرضية افتُرشت بعدة بطاطين، لعلها ترسل الدفء إلى جسدها، يتردد عليها الجيران بين الحين والآخر للاطمئنان على صحتها بعد أن فارقتها والدتها منذ 8 أشهر: "كان عندي 6 سنين ووقعت على الأرض جالي شلل في كل جسمي رغم أن الخبطة كانت بسيطة روحت لدكاترة كتير ومحدش قادر يفهم عندي إيه، والشلل ماسكني لحد أطراف صوابعي، وممنوع أنام على السرير علشان بقضي حاجتي في مكاني".
39 عام مضت ولا زالت الفتاة الأربعينية طريحة الفراش لا تملك شيئًا سوى أن تسأل ربها الشفاء، متمنية أن تصير زوجة تملك بيتًا وأسرة، تقول:"الطب نفسه بكي علشاني، والحالة بتاعتى في أيد ربنا، جالى ميه تحت الجلد من القاعدة، وعندي قرحة في المعدة والقولون العصبي، خدت جلسات كهربا وعلاج طبيعي وحقن وكل ما باخد العلاج بتعب أكتر وأتدمر، صوابع رجلي اتنت ومبقتش عارفة امشي، شوفت معاناة وقولت يا رب الموت أرحم ليا، بطلع من عند الدكتور حلوة بعدين التعب يمسكنى تاني".
وتضيف: "كان واقف 17 دكتور و10 تحت التدريب، فحص ومش قادرين يعرفوا عندي إيه، نفسي أحس إني حرة، لسه عندي أمل أعيش وأكون بيت وأسرة، أنا صابرة على البلاء الكبير ده وعارفة أن ربنا هيكرمني وهيعوضني، وأخويا ربنا يخليه هو اللي شايلني وواقف جنبي بس على قد حاله، ومصاريف العلاج بدفعها من معاش أمي".
في غرفة صغيرة بالطابق الأرضي تجلس الحاجة "هانم جاد" على كرسيها الخشبي تفكر، لا تنتبه لما حولها، وكأنها ذهبت لعالم آخر صنعته في مخيلتها، تتناثر حولها كراتين البسكويت والشيبسي التي لا تتغير: "أنا مطلقة من 5 سنة، كنت ساكنة في بيت في العزبة بس لما كان هيقع جيت الأوضة دي وبدفع إيجارها 200 جنيه، كنت ببيع عيش ولما كبرت في السن مقدرتش اشيل القفص وقولت أسترزق من الكام كرتونة دول، بس محدش بيشتري غير قليل لأنهم بيجروا على البقالين اللي عندهم محلات".
تؤكد المرأة السبعينية أنها لا تعلم شيء عن طليقها سوى أنه تزوج وأنجب وتركها بمفردها، وابنها الوحيد لا يسأل عنها بعد أن اجتهدت وساعدته ليتزوج:" كنت لما اخلف عيل لازم يموت لحد ما خلفت ابني الوحيد سميته شعبان علشان يعيش، وأتجوز وخلف وعايش بعيد عنى معرفش حاجة عنه ومليش غير ربنا، عندي القلب بقالى سنتين بجيب العلاج من معهد القلب لما مش بيكون معايا فلوس، غير كده بروح الصيدلية علشان المعهد بعيد عنى، وباخد 320 جنيه من الشئون"، يعيش سكان تلك المنطقة على قلب رجل واحد يقفون يدا واحدًا بجوار بعضهم وكأنهم أسرة واحدة: "كلنا أتولدنا في العزبة وعمرنا كله فيها، محدش فينا غريب وكلنا واحد وبنساعد بعض".
بدا الأمر أكثر مأسوية لدى "حورية مصطفى" التي توفي زوجها وشقيقها وتركا لها 7 أطفال تحملت مسئوليتهم على عاتقها، لم تجد من يساعدها ويقف بجوارها سوى نساء المنطقة: "أخويا توفى من 4 سنين جاتله ساكتة قلبية وساب ليا عياله ومات، ومراته راحت أتجوزت وسابت العيال ومشيت وجوزي متوفي من 16 سنة، والعيال كلهم في التعليم وبصرف عليهم وأهل المنطقة واقفين جنبي".
وتضيف المرأة الأربعينية: "عملت ليهم معاش أبوهم قالولي في الشئون لازم أمهم اللي تروح تقبضه، عمتهم التانية بتخلص الورق وبيطلع ليهم 210 جنيه، بياخدو دروس كلهم والله ولولا ولاد الحلال وإني بعرف أدبر أموري مكناش عيشنا أصلا، روحت أتحايل على المدرس علشان بياخدو المادة بـ200 جنيه، ساب ليا 10 جنيه بالعافية وكلهم واحد عندي ونفسي أشوفهم حاجة كبيرة".
لم تترك "أمل حياتي" بابًا للعمل دون أن تطرقه، لتتمكن من توفير احتياجات أسرتها بعد أن توفي زوجها إثر لإصابته بالسرطان: "أنا معايا إعدادية وبدور على شغلي في أي مكان بعرف اقرأ واكتب أي شغل أنا راضية بيه في مستوصف كلمته وروحت قدمت فيه علشان لو هقطع تذاكر حتى اعمل أي حاجة، ومحدش لسه رد عليا".
وتضيف:" جوزي متوفى من سنتين ومعايا محمد3 ابتدائي وإبراهيم3 إعدادي وآية 22 سنة وقاعدة في بيت أبويا، وجوزي لما تعب بعت العفش كله وأستلفت من أهلي، باخد 270 جنيه من الشئون، وجوزى كان راجل ارزاقى علي الله، ملهوش أي حاجة ناكل من وراها عيش، بعافر علشان عيالى ميحتاجوش لحد، وأهلي هما اللي واقفين جنبي لكن أهل أبوهم معرفش حاجة عنهم".