كان صوته الأجش يحمل الكثير من علامات الاستفهام التي تخللت بداخلنا ونحن نقف على مسافة أقل من متر بيننا وبينه نلحظ ما يتم، الصدفة التي أرسلنا إليها بشكاوى وخطابات من القراء هناك تستفسر عن اللحوم مما يؤكد ارتاب جريمة ذبح الحمير .

الجمل المبهمة كانت تؤكد بأن مساعده الذي خرج بملابس "متسخة" سيفعل شئ ما و"يختم " لحوم المحل بالختم المتعارف عليه ولكن كيف ولا.

مثل سعر الكيلو البلدي تباع، تراها معلقة وملفوفه بـ"الشاش" و مختومة بذلك الختم الدائري الذي يجعلك تشتري وأنت "مغمض" العينين وبقلب مرتاح إن اللحم "بلدي" و "مذبوح على الطريقة الإسلامية" وإن " الذبيحة" متوافر بها كل الشروط الصحية فكانت سليمة وغير مريضة وقت النحر. 

جلسنا على مقربة منه لنتابع ما يحدث، خرج مساعده الأول بـ" الذبيحة" التي لم تكن مختومة أي أنها إما مذبوحة خارج" السلخانة" أو ببساطة" لحوم مستوردة" تباع على أنها "بلدي" وهو ما يكون غشاً تجارياً.

وبهدوء أخرج قطعة اللحمة من الكيس ولفها بـ"الشاش الأبيض" ونادى على "صبي الجزار" الآخر وقال له "هات الأحمر وأنت جاي" واتضح أن "الأحمر ما هو إلا حبر" مشابه لختم "السلخانة" التابعة للبيطريين.

ثار فضولنا فكيف سيقلد "ختم السلخانة" أو يا ترى هل استطاع سرقة إحداها؟، إلا أن هنا كانت المفاجأة فـ "إزازة الحاجة الساقعة" التي شربها منذ لحظات تحول قعرها إلى"ختامة" ظل يغمسها ويختم لحومه قبل أن يعرضها للبيع مثلها مثل "البلدي" أو بالأدق المذبوح داخل "السلخانة!!".

 وضع "التسعيرة" فكانت "180 جنيها" للكيلو.. كيف سيبيع لحومًا مجهولة المصدر بسعر البلدي وكلمة مجهولة المصدر هنا نعني بها أنها باتت مجهولة لا يعرف مصدرها إلا هو ما دام غير هويتها بالغش والتدليس.

بعد محاولات استطعنا فيها التصوير بصعوبة عرفنا أن اللحم الذي يبيعه جزء منه "مستورد" وغير مخزن بشكل سليم وبغض النظر عن قصة التخزين التي تحكم فيها عينة للتحليل فهناك غش تجاري واضح فاللحم المستورد يباع الكيلو بـ "120 جنيها"  كيف يبيعه هو بـ "180 جنيها" كالبلدي ولما لا يطرحه بذات سعره فهناك الكثيرون يشترون اللحوم المستوردة فناهينا عن الغش هو يساهم في زيادة سعر اللحم ويغش الخلق إضافة إلى أن بعض الذبائح المعلقة والتي يمهرها بـ " إزازة الحاجة الساقعة" مذبوحة خارج السلخانة .

سألناه " دي لحمة أيه دي" قال بكل ثقة "ياهانم منتي شايفاها مختومة أهه بلدي طبعا".. الحقيقة إن هذه المغامرة كان الغرض منها أن ننتبه أثناء شراء اللحوم للختم الموجود عليها فالختم يكون ممهوراً بعبارات ورسوم تخص الوحدات البيطرية التابعة للسلخانة وليس مجرد "دائرة" فقط ولا يكون لونه الأحمر فاتحاً جداً وسائلاً وأن علينا أثناء شرائنا للحوم أن نتأكد جيداً من مصدرها ونشيد هنا بدور الجهات المعنية التي تحاول جاهدة منع الغش والتلاعب بقوت المواطن وسرعة تحركها ويبقي الدور على كل تاجر عليه أن يكون أمينًا فالوطن لا يستحق منا سوى الأمانة والعمل الجاد ومراعاة ضمائرنا تجاهه وتجاه مواطنيه.