كلمة رئيس جمهورية أوزبكستان في مؤتمر الأمم المتحدة الثالث المعني بالبلدان النامية غير الساحلية
الجمعة 08/أغسطس/2025 - 02:09 ص

فاطمة بدوي
طباعة
القى رئيس جمهورية أوزبكستان شوكت ميرضيائيف كلمة في مؤتمر الأمم المتحدة الثالث المعني بالبلدان النامية غير الساحلية
وجاء فيها :
أود في البداية أن أعرب عن خالص امتناني لرئيس تركمانستان، فخامة سردار قربان قولي بردي محمدوف، والزعيم الوطني لشعب تركمانستان، رئيس مجلس الشعب، فخامة قربان قولي مياليك جولييفيتش بردي محمدوف، على الترحيب الحار والتنظيم الرفيع المستوى للمؤتمر اليوم.
ومن الرمزي أن يعقد هذا المنتدى في منطقة أفازا الجميلة، إحدى عجائب بحر قزوين، خلال العام الدولي للسلام والثقة، الذي أعلنته الأمم المتحدة بمبادرة من تركمانستان.
وتقدر أوزبكستان عاليا وتدعم بقوة جهود تركمانستان الشقيقة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وضمان الاستقرار والازدهار العالمي والإقليمي.
وأود أن أعرب عن امتناني الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، السيد أنطونيو غوتيريش، على اهتمامه الشخصي بتعزيز مشاكل البلدان غير الساحلية باعتبارها قضية دولية ذات أولوية.
نحن ندعم بشكل كامل الإعلان السياسي لأفازا ونشارك بشكل فعال في تنفيذ خطة العمل العشرية.
أعزائي المشاركين في المؤتمر!
إن القضايا التي نوقشت في مؤتمر اليوم لها أهمية حيوية بالنسبة لنا جميعا.
تجدر الإشارة إلى أن بلادنا لا تتمتع بشبكة اتصالات بحرية إلا عبر أراضي عدد قليل من الدول. وبالنسبة لنا، فإن بُعدها الجغرافي عن الموانئ، الذي يبعد عنها قرابة ثلاثة آلاف كيلومتر، يُسبب لنا عددًا من المشاكل الموضوعية. وتتجلى هذه المشاكل في ارتفاع التعريفات الجمركية، ومحدودية سعة ممرات النقل والبنية التحتية، بالإضافة إلى الاعتماد على سياسات الجمارك والنقل في الدول الأخرى.
وفقًا للبنك الدولي، تفقد منطقة آسيا الوسطى ما يصل إلى 2% من ناتجها المحلي الإجمالي سنويًا بسبب ارتفاع تكاليف النقل وعدم استقرار أنظمة النقل. وتمثل تكاليف الخدمات اللوجستية ما يصل إلى 60% من إجمالي تكلفة السلع، وهو رقم أعلى بعدة مرات من المتوسط العالمي.
ومن ثم، فإن تطوير ممرات النقل الجديدة والموثوقة والبنية الأساسية اللوجستية أصبح عاملاً مهماً للتنمية المستدامة في آسيا الوسطى.
إن الأجندة التي تجمعنا اليوم تدور حول قضية جوهرية: العدالة. إنها تتعلق بضمان تكافؤ فرص الدول غير الساحلية في المشاركة في الاقتصاد العالمي.
ولمعالجة هذا التحدي العاجل، لا بد من استيفاء ثلاثة شروط أساسية: تحديث البنية الأساسية كأساس للتنمية المستدامة، وتعزيز الاتصال لمعالجة تحديات النقل، وضمان الحق في التنمية كعنصر مهم من المساواة العالمية.
ولتحقيق هذه الغاية، أود أن أؤكد أن أوزبكستان اتخذت في السنوات الأخيرة خطوات منهجية لبناء شبكات النقل والخدمات اللوجستية الحديثة، بمشاركة القطاع الخاص بشكل نشط.
يشهد بلدنا ديناميكية عالية في مجال الانفتاح والشفافية اللوجستية. ويجري تنفيذ تدابير شاملة لرقمنة عمليات التجارة والنقل.
تُحقق الإصلاحات الهيكلية في الاقتصاد، وتحرير النظام التجاري، والتحسين الجذري لمناخ الاستثمار نتائج ملموسة. فقد ازدادت القدرة التنافسية، وتسارعت وتيرة التنمية المبتكرة.
إن المستوى الجديد من الثقة المتبادلة والشراكة في آسيا الوسطى يوفر زخماً قوياً للتغيير السريع.
يجري حاليًا تشكيل فضاء نقل ولوجستي موحد في منطقتنا. ويجري تنفيذ برامج ومشاريع لتحويل آسيا الوسطى إلى مركز نقل متكامل بين الشرق والغرب، والشمال والجنوب.
وفي السنوات الأخيرة، ارتفع حجم التجارة المتبادلة 4.5 مرة، وتضاعفت الاستثمارات، وزاد عدد المشاريع المشتركة خمسة أضعاف.
بدأنا هذا العام، بالتعاون مع شركائنا، بناء خط السكة الحديد بين الصين وقيرغيزستان وأوزبكستان. وقد شهد حجم نقل البضائع عبر ممر النقل أوزبكستان وتركمانستان وإيران وتركيا زيادة ملحوظة.
أعزائي المشاركين في المؤتمر!
اليوم، أصبح من الضروري إيجاد حلول واضحة وعملية ومدعومة مؤسسيا للتغلب على التهديدات والتحديات المشتركة.
وفي هذا الصدد، تقدم أوزبكستان ما يلي:
أولا، هناك حاجة إلى بذل جهود منسقة لتطوير ممرات النقل الدولية والبنية الأساسية على وجه السرعة.
نحن ملتزمون بتسريع إعداد وتنفيذ مشروع خط السكة الحديد بين أوزبكستان وأفغانستان وباكستان. إن ربط هذا الممر الواعد بخط السكة الحديد بين الصين وقيرغيزستان وأوزبكستان قيد الإنشاء سيفتح آفاقًا واسعة لبناء فضاء تجاري واقتصادي جديد وبنية تحتية مستدامة للنقل في منطقتنا الشاسعة.
نولي أيضًا أهمية بالغة لتطوير الممر الأوسط. ولتنفيذه بالكامل، من المهم، أولًا وقبل كل شيء، إرساء سياسة نقل منسقة، وتبسيط الإجراءات، وتطبيق تعريفات معقولة لنقل البضائع بالحاويات.
وثانيا، نقترح إعداد اتفاقية عالمية بشأن ضمانات العبور للبلدان غير الساحلية تحت رعاية الأمم المتحدة.
ومن شأن هذه الآلية أن تضمن الاستخدام العادل للموانئ والاتصالات، وتقليص المخاطر في نقل البضائع، وتساهم في الحد من عدم المساواة في مجال الخدمات اللوجستية العالمية.
ثالثا، هناك طلب متزايد على أدوات الاستثمار المرنة لتمويل مشاريع البنية التحتية الضخمة.
وتقدر الاستثمارات اللازمة لتطوير البنية التحتية للنقل في بلدان آسيا الوسطى بنحو 40 مليار دولار سنويا.
في هذا الصدد، نقترح إنشاء صندوق برعاية الأمم المتحدة لتعزيز التكامل اللوجستي للدول غير الساحلية. ويُنصح بإشراك موارد الدول المانحة ومؤسسات التنمية الدولية والبرامج العالمية على نطاق واسع في هذا الصندوق.
رابعا، سنعمل على تعزيز المبادرة الرامية إلى تطوير مؤشر عالمي للضعف في البلدان غير الساحلية.
وسوف يصبح هذا أداة فعالة للنظر بشكل موضوعي في قدرات النقل المحدودة لبلداننا، وبناءً على الظروف القائمة، توسيع البرامج المالية والتقنية الدولية وتخصيص الموارد بشكل فعال.
والأهم من ذلك، ينبغي أن يؤخذ هذا المؤشر في الاعتبار عند إجراء تقييم عادل للقدرة التنافسية وبيئة الأعمال في بلداننا.
خامساً، نعتقد أن من الأهمية بمكان تنفيذ اقتراحنا بإنشاء مركز ابتكار لتنمية الصناعة الزراعية في أوزبكستان.
يهدف هذا المركز إلى تعزيز المشاريع المبتكرة المتعلقة بتنفيذ التقنيات الزراعية التكيفية، والحفاظ على المياه، والأمن الغذائي، وتبادل المعرفة والخبرة.
سادساً، من المهم إشراك الخبراء ومراكز الفكر الرائدة من بلداننا بشكل فعال في تطوير مقترحات محددة لمواجهة التهديدات المشتركة بشكل مشترك.
نقترح عقد مؤتمرات دولية وحلقات نقاش مستديرة في هذا الصدد. ويمكن أن يشمل جدول أعمال هذه الفعاليات قضايا مثل ضمان التكامل العميق لبلداننا في سلاسل الإنتاج العالمية، والتطور السريع للذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية، وتوسيع الاستثمارات العابرة للحدود، ودعم الشركات الناشئة.
وتعتزم أوزبكستان أيضًا الانضمام إلى أنشطة مركز الفكر الدولي للدول غير الساحلية.
السادة رؤساء الوفود الكرام!
ينبغي أن يكون الوصول إلى الأسواق العالمية متكافئًا للجميع. وهذا ليس ضرورة اقتصادية فحسب، بل هو أيضًا، قبل كل شيء، عامل مهم للتنمية المستدامة، وشرطٌ للثقة والتعاون في العلاقات الدولية.
وأود أن أؤكد مجددا أن أوزبكستان منفتحة دائما ومستعدة للشراكة البناءة وطويلة الأمد في تشكيل بنية أكثر عدالة للتنمية العالمية.