الريحاني.. أيقونة الفن ومدرسة الكوميديا
الخميس 08/يونيو/2017 - 03:16 م
نادي أحمد
طباعة
لم يأت حتى الآن فنان فى حجم العبقري نجيب الريحاني الذي أحدث طفرة في الكوميديا واستطاع أن يؤسس مدرسة في فن الكوميديا والتمثيل معروفه باسمه وهي مدرسة الريحاني في الكوميديا.
نجيب إلياس ريحانة ونعرفه باسم شهرته نجيب الريحانى، وهو مولود فى 21 يناير 1889 فى حى باب الشعرية لأب مسيحى من أصل عراقى اسمه "إلياس ريحانة" كان يعمل بتجارة الخيل واستقر به المقام فى القاهرة وتزوج من سيدة مصرية قبطية أنجب منها ولده نجيب، الذى عاش فى حى باب الشعرية الشعبى بين الطبقة الشعبية البسيطة والفقيرة، وفى حى الظاهر بالقاهرة التحق بمدرسة الفرير الابتدائية>
بدا الريحاني انطوائيًا وحصل على الشهادة، ثم ظهر عليه ميله للسخرية، ولكنه كان يسخر بخجل أيضا، وعندما حصل على البكالوريا، كان والده قد تدهورت تجارته فاكتفى بهذه الشهادة وبحث عن عمل ليعين به أسرته، فالتحق بوظيفة كاتب حسابات بشركة السكر بنجع حمادى بالصعيد، وهذه الشركة كانت ملكًا خالصًا للاقتصادى المصرى أحمد عبود باشا، الذى أنشأ عدة شركات تعمل فى كل المجالات، وكان يتقاضى راتباًَ شهريًا ستة جنيهات، لكنه ضاق بالوظيفة فاستقال.
عاد إلى القاهرة ليجد أن الأمور قد تبدلت وأصبح الحصول على عمل في حكم المستحيل، إلى أن قادته قدماه إلى شارع عماد الدين الذى كان يعج آنذاك بالملاهي الليلية، وقابل صديقًا له كان يعشق التمثيل اسمه محمد سعيد وعرض عليه أن يكوِّنا سويا فرقة مسرحية لتقديم الإسكتشات الخفيفة لجماهير الملاهى الليلية، إلى أن التقى بديع خيرى وقدما معا مجموعة من المسرحيات التى حققت نجاحًا، ومنها الجنيه المصرى، والدنيا لما تضحك، والستات مايعرفوش يكدبوا، وحكم قراقوش، وقسمتى، ولو كنت حليوة، والدلوعة، وإلا خمسة، وحسن ومرقص، وكوهين، وكشكش بك فى باريس، وصية كشكش بك، وخللى بالك من إميلى، وكشكش بيه، وفيروز شاه، وقنصل الوز، وعشان سواد عينيها، وياما كان فى نفسى، والدنيا على كف عفريت، إلى أن اعتزل المسرح عام 1946 بعد أن قدم مع بديع خيرى صديق عمره وتوأمه فى الفن 33 مسرحية.
وللريحانى عشرة أفلام منها: «صاحب السعادة، كشكش بيه، وسلامة فى خير، وأبوحلموس، ولعبة الست، وسى عمر، وغزل البنات، وأحمر شفايف»، إلى أن توفى فى مثل هذا اليوم 8 يونيو 1949، وجاءت وفاته صدمة للكثيرين بعد أن قدم آخر أعماله فيلم غزل البنات، حيث أصيب بمرض التيفود، وجاءت الوفاة أثناء تصوير فيلم (غزل البنات)، فتم تعديل نهايته.
نجيب الريحاني وبديعة مصابني.. زواج بلا اتصال جسدي:
طالعت مجلة «التياترو» جمهورها بعددها الصادر في سبتمبر عام 1924 بخبر زواج قطبي الرقص والكوميديا بديعة حبيب مصابني ونجيب إلياس الريحاني بكنيسة السرايا، وقد حمل العقد توقيع الريحاني باللغة العربية، بينما وقعت العروس بالحروف اللاتينية، كما نشرت المجلة تقريرًا عن العروسين ملحقًا بصورة زفافهما، وفيها ظهر الريحاني بادي النحافة واقفًا بجوار عروسه ذات الفستان والطرحة البيضاء.
وبعد الزفاف سافر العروسان مع فرقتهما إلى أمريكا الجنوبية لتقديم عروضًا مسرحية هناك، ولكن السعادة الزوجية بينهما لم تدم طويلًا فالخلاف بينهما كان واضحًا، بديعة اقتصادية والريحاني مسرف، هي سيدة أعمال وهو فيلسوف، هي تحب حياة الأسرة وهو يعشق الانطلاق، بالإضافة إلى عدم قدرتهما على الإنجاب مما دفع بديعة إلى تبني طفلة صغيرة تُدعى جولييت وأعطاها الريحاني اسمه رسميًا، ومع ازدياد الخلاف بينهما طلبت الزوجة الطلاق ولكنه حاول إرضاءها بشتى الطرق دون فائدة.
وفي النهاية لجأ الريحاني وبديعة إلى الكنيسة بالقاهرة لتطليقهما، وهو ما تم رفضه بشدة لأن المذهب الكاثوليكي لا يسمح بالطلاق، فاتفق الزوجان على استمرار الزواج ولكن اشترطت بديعة «الانفصال الجسدي» بينهما واضطر الريحاني إلى قبول شرطها، وتركت بديعة بعد ذلك بيت الزوجية وفرقته المسرحية.
مذكراته:
دون الريحاني مذاكراته عام 1946 وقد نُشرت بعد رحيله بعشر سنوات. وقد كتبها بلغة سينمائية قادرة على رصد التفاصيل ورسم المشهد الكلي. فهو لم يرصد بها محطات نجاحه فحسب، بل توقف كثيرًا أمام لحظات الإخفاق والتعثر. فيبدأ مذاكراته من بدايات خطاه ودراسته في مدرسة ألفرير بالخرنفش، وتقلده لوظائف صغيرة وعادية انتهت كلها بالرفت. ليمر مع قرائه في رحلته الفنية المثيرة ويعرفهم على سيد درويش وبديع خيري وعزيز عيد وبديعة مصابني، والكثير من رجال ونساء عصره، الذين التصق بهم وارتبط بهم في أعماله المسرحية المتتالية. فلذلك، تبدو مذكراته وكأنها سجلًا حافلًا لتاريخ المسرح المصري خلال واحدة من أزهى فترات المسرح ازدهارًا. وقد عكست هذه المذكرات ملامح وجه الريحاني الكوميدي والدرامي والثوري والإنساني.
وفاته:
توفي الفنان نجيب الريحاني في مثل هذا اليوم عام 1949 بالمستشفى اليونانية بحى العباسية بالقاهرة، بعدما انتهى من تصوير أخر دور له فى فيلم "غزل البنات"، وكان قد أصيب "الريحانى" بمرض التيفود الذى أثر على صحة رئتيه وقلبه.