قضى عمره في إضحاك جمهوره ولم تجد أسرته تكاليف دفنه.. محطات مأسوية في حياة "الشاويش عطية"
الأحد 23/أبريل/2017 - 03:18 م
أميرة عبد الهادي
طباعة
تحل اليوم الذكرى الـ 54 لوفاة الفنان رياض القصبجي الشهير بـ "الشاويش عطية"، صاحب الوجه المتهجم الغاضب والملامح الشريرة والجسم القوي، إلا أن هذه الملامح لم تكن تعكس طيبة القلب الذي أجمع عليها كل من تعامل معه عن قرب.
ولد رياض القصبجي في 13 سبتمبر عام 1903، وكانت حياته مشوار من الكفاح والمثابرة والإصرار، فنشأ رياض القصبجي في إحدى قرى محافظة سوهاج، في أسرة متوسطة الحال.
تزوج 4 سيدات كانت إحداهن إيطالية لمدة عام، بينما استمر زواجه مع سعاد التي أنجب منها ابنه فتحي حتى وفاته، كما أنجب ابنه محمود من زوجته الأولى وجيدة.
عمل في بداياته "كمسري" في هيئة السكة الحديد، ثم تركها حبًا في التمثيل، فكان التحاقه بفرقة التمثيل بالسكة الحديد الخطوة الأولى لاحتراف الفن، خاصة بعد تميزه وبراعته فيه، الأمر الذي جعله يأخذ قرارًا بالاستقالة من عمله والترحال للقاهرة.
وفي القاهرة بدأ مشواره الفني في مسارح روض الفرج، التي تعرف من خلالها على الفنان "محمود شكوكو"، ومن بعدها علي الفنان "علي الكسار"، الذي ضمه لفرقته المسرحية.
وانضم "رياض القصبجي" لعدد من الفرق المسرحية الأخرى، مثل فرقة أحمد الشامي، وجورج أبيض وفرقة إسماعيل يس المسرحية.
وارتبط اسمه فيما بعد بالفنان "إسماعيل يس"، الذي قدم معه العديد من الأفلام خلال حياته الفنية، أبرزها "مغامرات إسماعيل يس، دايما معاك، حلاق بغداد، الآنسة حنفي، نهارك سعيد، نحن بشر، إسماعيل يس في الجيش، إسماعيل يس في الأسطول، ابن حميدو، اسماعيل يس في بوليس حرب، بحبوح أفندى، إسماعيل يس في مستشفى المجانين، إسماعيل يس في بوليس سرى، إسماعيل يس في الطيران، العتبة الخضرا ء، ولوكاندة المفاجآت".
وارتبط أيضًا "رياض القصبجي" بشخصية "الشاويش عطية" التي أداها لأكثر من مرة في أفلامه، وكانت أشهر إفيهاته "صباحية مباركة يا ابن العبيطة"،"بورورم.. شغلتك على المدفع بورورم؟"، "بتضحك أدامى يارفدى يابن الرفدى"،"مشوفش وحش.. ما أنا شوفتك أهو"، نت ياجدع مش مجنون، وعندك والعياذ بالله مناخوليا"
وقدم القصبجي على مدار تاريخه الفني أكثر من 150 فيلمًا سينمائيًا، وقبل أن يكمل الـ 60 عامًا أصيب بشلل نصفي أفقدته القدرة على الحركة، وعجز عن توفير نفقات العلاج مما اضطر ابنه فتحى إلى أن يعمل ليعول أسرته ويوفر نفقات علاج والده وعندما سمع محمود المليجى بالأمر سارع بالذهاب إلى بيت القصبجى هو والمنتج جمال الليثى وقاما بجمع التبرعات لعلاج القصبجى، وشاركه المخرج فطين عبدالوهاب والسيناريست على الزرقانى.
ومحاولة من المخرج حسن الإمام ليساعد الشاويش عطية، طلب منه أن يجسد دورًا فى فيلم "الخطايا" عام 1962، فرح القصبجى وتحامل على نفسه رغم المرض، فلما رآه حسن الإمام أشفق عليه من المجهود فطيب خاطره، ولكن القصبجى أصر على أن يدخل البلاتوه وعندما وقف أمام الكاميرا وبدأ فى التمثيل سقط الفنان العملاق وبكى وقال "أهكذا تكون النهاية ؟".
قال ابنه فتحي في إحدى الحوارات الصحفية التي أجراها من قبل، إنه بالرغم من كثرة الأفلام التي قدمها مع إسماعيل يس، إلا ان العلاقة التي تربطهم كانت لا تتعدَ كونها علاقة عمل فقط، حتى أنه في مرض القصبجي لم يزره إسماعيل يس، حتى في أزمته المالية التي مرت عليه لم يعرض عليه المساعدة، وفي رحيله لم يذهب لتقديم واجب العزاء.
أما من أصدقائه الذين حرصوا على زيارته طوال فترة مرضه على زيارته، "المنتج جمال الليثي، المخرج فطين عبدالوهاب، والفنانة أمينة رزق، والفنان فريد شوقي، الذي كان دائما ما يزوره ويجلس معه بالساعات، وهو الوحيد الذي كان يحرص على الإطمئنان على أسرته بعد وفاته، وكان يرسل لهم أشخاص من مكتبه بظرف مليء، ويقول "ده حق رياض" بطريقة مهذبة.
بعد قضاءه لسهرته الأخيرة مع عائلته، توفي الفنان رياض القصبجي في ٢٣ أبريل من عام ١٩٦٣، تاركًا ورائه حمل كبير وهو تكاليف دفنه، والتي لم تستطع أسرته أن تتحمله، فظل جثمانه ملقى على السرير لساعات، حتى تدخل أحد المنتجين ودفع تكاليف الدفنة والجنازة.
بدأت رحلة مرض الشاويش عطية عام 1959، كان وقتها يصور أخر أفلامه "أبو أحمد" مع الفنان فريد شوقي، وكانت معظم مشاهده في سفينة على البحر، فينتهي من مشاهده ليستريح في "كراكة" ثم يعود من جديد للتصوير على ظهر السفينة، فتأثر باختلاف درجة الحرارة، الأمر الذي تسبب في انسداد شرايينه وتوقف نصفه الشمال عن الحركة، وجاء تشخيص الأطباء لحالته على أنها "تصلب في الشرايين"، مؤكدين لهم أن رحلة العلاج ستستغرق ما بين 5 إلى 7 أعوام، لكنه رحل عام 1963.
وبطريقة درامية انتهت حياة راسم البسمة علي وجوه الملايين، ولكن لم يجد من يرسم البسمة على وجهه في أيامه الأخيرة، ورحل وترك لنا ميراثًا كبيرًا من أفلامه ليرسم على وجوهنا الضحكة التي نفتقدها.